السبت، 28 يناير 2012

أماكن تعرفنى



بيننا وبين الاماكن علاقة خاصة ما يفهمها سوانا , ربما شاركتنا الاماكن الفهم ولكن لا نستطيع الجزم بذلك,فمن الاماكن ما تسمعه يتحدث اليك حين همك والمك , يخبرك الا تحزن انا احتويك ,ومن الاماكن ما تستشعر كراهيته لك ورغبته فى رحيلك عنه فى اقرب فرصة
.
اتذكر هذا اليوم الذى قمنا فيه بدفن جدتى , ونزلت إلى القبر لنضعها الى مسواها الاخير ,لقد كان القبر يحدثنى : لحسن الحظ أن كتب لى الدخول والخروج منه مجددا , محذرا إذا ما عدت اليه فى المرة القادمة لا اخرج ابدا.

على مر سنين عمرى وطأت اماكن تعرفنى جيدا,تشتاق لى كما اشتاق إليها , ومنها ما التقيت به لأول مرة وغلبنى الحنين اليه,وما عدت وما كانت العودة فى استطاعتى,ولكن ذكراه ستظل فى القلب مهما طال بى الأمد.فهذا الشارع الظليل كم احببت المرور عبره, اثناء عودتى من مدرستى الاعدادية,بهدوئه,وسكينته, وظله خلال لحظات سطوع الشمس الحارقة, اضفت عليه نعيما جعلنى من رواده الدائمين, واستمرت علاقتى به عبر سنوات دراستى الثانوية ايضا.


وفى مدينة بنها كان الشارع الخالى من المارة محتوينى ببكائى حيث الوحدة والقادم المجهول,وللعجب كان هو نفس الشارع الذى احتوانى سعيدا متفائلا حيث احببت المدينة التى آوتنى فى ارجائها, وبعد خمسة اعوام متطلعا لإنهاء اخر عام فى دراستى الجامعية بأمر الله.

هذا الطريق الطويل الذى يربط القاهرة بالاسكندرية عبر الاراضى الزراعية , عرفنى جيدا وعرفته, ولكن معرفتى به كانت اقوى , فأنا واحد من الملاين مروا عبره, وكنه كان وسيلتى الوحيدة للوصول الى كليتى.

هذا السور فوق منزلنا,و الذى تعلقت به عبر اصبعى معلقا جسدى على الجهة الاخرى,حيث كان جسدى نحيفا بالشكل الذى يسمح لى بذلك عرفنى جيدا وتعجب من تهورى وجرأتى الغير مبررة

هذا المكان فى جوف البحر حيث كان الغرق مصيرى لا محال, لولا ان كتب الله لى عمرا اخر ,حين قدر لى الخروج سامعا صوت البحر ينهرنى ألا اعود إلى هناك مجددا , وبالفعل لم تطأ قدماى شطا ولا بحرا مجددا

وهكذا صارت اماكن أحب إلى من البشر, وأخرى هربت منها و لا اجروء على العودة اليها,ولعل ما اخبرتكم عنه بعض الأماكن التى تعرفنى , ولا شك ان كل منكم لديه من الاماكن ما يعرفه حق المعرفه.مرتبطا به حتى الممات.

@ أحمد عبد الواحد 
24-1-2012

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

عنوان هذه القصة جذبني بشدة
اما محتواها فقد ارداني قتيلا
لاننا ربما نتقاسم نفس القصة
وانا ايضا لي اماكني التي افتقدتها 24 عاما
وجاءة الفرصة لاعود الى هنال لاعود الى طفولتي التي فارقتها لسنوات
فشكرا لك على كاباتك الرائعة